(بيروت) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن السلطات الإيرانية تنفذ موجة إعدامات مروعة، حيث أُبلغ عن 113 إعدامات على الأقل في فترة لا تتعدى الأيام الـ 25 الأولى من مايو/أيار 2025. على المجتمع الدولي الضغط على السلطات الإيرانية بشكل عاجل لوقف جميع الإعدامات، بما يشمل العديد من السجناء السياسيين المعرضين لخطر الإعدام الوشيك.
بحسب "منظمة حقوق الإنسان في إيران" غير الحكومية، ومقرها أوسلو، أعدمت السلطات الإيرانية 478 شخصا في 2025، حتى 27 مايو/أيار. أفادت المنظمة بزيادة الإعدامات بنسبة 75% في خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام 2025 مقارنة بالفترة نفسها في العام 2024. إذا استمر نمط إزهاق الأرواح هذا، سيُعدَم قبل نهاية العام أكثر من ألف شخص، بمن فيهم أفراد من الأقليات الإثنية، ومعارضون سياسيون، ومتهمون بجرائم المخدرات. كما تُظهر الأرقام المُبلغ عنها تصاعدا في استخدام عقوبة الإعدام ضد النساء وتأثيرا غير متناسب على المجتمعات المهمشة، بما فيها الأقليات الإثنية المضطهدة. من الذين أُعدموا في أبريل/نيسان ثلاث نساء، وأربعة مواطنين أفغان، و36 بلوشيا، وستة سجناء أكراد، وعربي أحوازي، وتركماني.
قال فيديريكو بوريلو، المدير التنفيذي الانتقالي في هيومن رايتس ووتش: "أعدمت السلطات الإيرانية ثلاثة أشخاص على الأقل يوميا في المتوسط خلال الأشهر الخمسة الأولى من 2025، مع تزايد أعداد المعارضين وأفراد الفئات المهمشة الذين يقعون ضحية القمع الحكومي والسياسات القاسية لمكافحة المخدرات. لا تُظهر موجة القتل أي مؤشرات على التباطؤ، ويؤكد حجم الأزمة على ضرورة أن يضغط المجتمع الدولي على الحكومة الإيرانية لوقف جميع الإعدامات فورا وتجميد عقوبة الإعدام".
تستخدم السلطات الإيرانية عقوبة الإعدام سلاحا لبث الخوف عند السكان وقمع المعارضة، مستهدفة أفراد الأقليات العرقية المضطهدة والمعارضين السياسيين والنساء. يُخشى أن يكون عديد من المتهمين بجرائم تتعلق بالأمن القومي معرضين لخطر الإعدام الوشيك. من بينهم بدرام مدني (40 عاما)، ومهدي حسني (48 عاما)، وبهروز إحساني إسلاملو (69 عاما)، وهم سجناء سياسيون ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام في سجن قزل حصار بمحافظة ألبُرز.
تلقت هيومن رايتس ووتش معلومات تفيد بأن مدني، المحكوم بالإعدام بتهمة "الإفساد في الأرض" ذات الصياغة المبهمة، نُقل من سجن إيفين في طهران إلى قزل حصار في 25 مايو/أيار، تمهيدا لإعدامه، الذي قد يُنفَّذ في وقت لا يتعدى 28 مايو/أيار. اعتقلت السلطات مدني عام 2019 بزعم التجسس لصالح إسرائيل، وحكمت عليه محكمة ثورية بالإعدام. ألغت المحكمة العليا حكمه ثلاث مرات وفقا لمنظمة حقوق الإنسان في إيران، لكن حُكم عليه بالإعدام للمرة الرابعة بعد إعادة محاكمته أمام محكمة أدنى. استُدعيت عائلته لزيارة أخيرة، ما يعني أنه قد يُعدم في غضون أيام.
حصلت هيومن رايتس ووتش على معلومات تفيد بأن المحكمة العليا الإيرانية رفضت في مايو/أيار 2025، للمرة الثالثة، طلب حسني وإسلاملو المتعلق بإجراء مراجعة قضائية لقضيتهما، ما أثار مخاوف من إمكانية تنفيذ إعدامهما في أي وقت. ينتظر الرجلان تنفيذ حكم الإعدام منذ سبتمبر/أيلول 2024، عندما حكم عليهما الفرع 26 من المحكمة الثورية في طهران بالإعدام بتهم غامضة الصياغة وذات تعريف فضفاض، منها "التمرد المسلح" و"محاربة الله" و"الإفساد في الأرض" بزعم الانتماء إلى "منظمة مجاهدي خلق الإيرانية"، وهي جماعة معارضة محظورة.
قالت هيومن رايتس ووتش إن المحاكمات أمام المحاكم الثورية الإيرانية تتقاعس بشكل منهجي عن الالتزام بضمانات المحاكمة العادلة والإجراءات القانونية الواجبة. قال مصدر مطلع لـ هيومن رايتس ووتش إن حسني حُبس انفراديا ستة أشهر بعد اعتقاله في سبتمبر/أيلول 2022، وتعرض للتعذيب وغيره من أشكال سوء المعاملة. حُكم عليه وعلى إسلاملو بعد محاكمة موجزة لم تستغرق سوى بضع دقائق.
حُكم على رجلين آخرين على الأقل بالإعدام بتهم مسيّسة في مايو/أيار. في 10 مايو/أيار، أفادت "جمعية الدفاع عن السجناء السياسيين الأذريين" في إيران أن الفرع الثالث من المحكمة الثورية في تبريز بمحافظة أذربيجان الشرقية حكم على إحسان فريدي (22 عاما)، وهو طالب أذري في "جامعة تبريز"، بالإعدام بتهمة "الإفساد في الأرض" ذات الصياغة المبهمة. تنتظر قضيته الآن مراجعة المحكمة العليا. اعتقلت السلطات فريدي في 18 يونيو/حزيران 2024، ونقلته إلى سجن تبريز المركزي. احتُجز فريدي سابقا لشهر في مارس/آذار 2024، وحُكم عليه بالسَّجن ستة أشهر بتهمة "الدعاية ضد الدولة".
أفادت "وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان" (هرانا) أن الفرع 1 من محكمة الثورة في رشت حكم بالإعدام في 1 مايو/أيار على بيمان فرح آور، الشاعر والسجين السياسي المحتجز في سجن لاكان في رشت، في محافظة جيلان، بتهمتَيْ "التمرد المسلح" و"محاربة الله" الفضفاضتين. صرّح مصدر مقرب من العائلة لوكالة هرانا بأن التهم تستند إلى شِعره ونشاطه في العدالة الاجتماعية والحقوق المدنية. أدانته المحكمة بعد محاكمات لم تلتزم بالإجراءات القانونية الواجبة وضمانات المحاكمة العادلة. عُقدت جلسة محاكمته خلف أبواب مغلقة، دون حضور محامٍ من اختياره.
تتزايد المخاوف على المعارضين السياسيين المعرضين لخطر الإعدام بعد إعدام حميد حسين نجاد حيدرآنلو، وهو سجين كردي عمره 40 عاما، في 21 أبريل/نيسان، والذي أُدين بتهمة "التمرد المسلح" لانتمائه المزعوم إلى "حزب العمال الكردستاني" وضلوعه المزعوم في عملية أدت إلى مقتل ثمانية عناصر أمن. بحسب منظمة "شبكة حقوق الإنسان في كردستان" غير الحكومية، أخضعته السلطات للتعذيب لانتزاع اعترافات منه، ورفضت أدلة البراءة التي أظهرت عدم وجوده في البلاد لدى وقوع الجريمة المزعومة.
يؤثر تجاهل السلطات الإيرانية الحق في الحياة بشكل غير متناسب على الأقليات الإثنية المضطهدة والمجتمعات الفقيرة. بحسب منظمة حقوق الإنسان في إيران، اتُّهِم أكثر من نصف الأشخاص الذين أُعدموا في أبريل/نيسان بجرائم تتعلق بالمخدرات، بينما كان أكثر من 30% منهم من البلوش، والأكراد، والتركمان، والعرب. السياسة القاتلة التي تعتمدها السلطات الإيرانية لمكافحة المخدرات تُفاقم الفقر والظلم اللذين تواجههما المجتمعات الأكثر تهميشا، وكثير منها من الأقليات الإثنية أو المواطنين الأفغان الذين ليس لديهم وثائق.
بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، يجب ألا تُفرض عقوبة الإعدام إلا في "أخطر الجرائم"، والتي تقتصر على الجرائم التي تنطوي على "القتل العمد"، وفي ظروف استثنائية فقط. يستثني القانون صراحةً من هذه العقوبة الجرائم المتعلقة بالمخدرات والجرائم السياسية. أيُّ حرمان من الحياة يخالف القانون الدولي، بما فيه ذلك الذي يتمّ عبر الإعدامات القضائية، هو حرمان تعسفي وغير قانوني بطبيعته. في إشارة إلى العيوب الهيكلية في قوانين إيران وأنماط انتهاكات الحقوق في قضايا عقوبة الإعدام، خلص المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بإيران إلى أن "معظم الإعدامات [في إيران]، إن لم يكن جميعها، هي حرمان تعسفي من الحياة". تعارض هيومن رايتس ووتش عقوبة الإعدام في الجرائم والظروف كافة، وتدعو إلى إلغائها عالميا.
منذ يناير/كانون الثاني 2024، يُضرِب السجناء المحكوم عليهم بالإعدام في إيران عن الطعام كل يوم ثلاثاء ضمن ما أصبح يُعرف بحملة "لا لثلاثاء الإعدام"، احتجاجا على موجة الإعدامات وللدعوة علنا إلى التدخل الدولي. دعم العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان، بمن فيهم الحائزة على "جائزة نوبل للسلام" نرجس محمدي، هذه الحملة، بتحركات تضامنية شملت الإضراب عن الطعام.
قال بوريلو: "يُضرب السجناء المحكومون بالإعدام في إيران عن الطعام حفاظا على حياتهم وحياة زملائهم الذين ينتظرون تنفيذ الأحكام بحقهم. على المجتمع الدولي الدفاع عن كرامتهم الإنسانية والتضامن مع مقاومتهم الشجاعة بوجه اعتداء السلطات الإيرانية المتواصل على الحق في الحياة".